Month: مايو 2013
مريم
إنّ الحديث عن الوِحدة صعبٌ جداً , صعب ومُفجِع ومُخيف ومُدمّر للذّات الإنسانيّة .
أنا أتكلّم عن الوِحدة الممتدّة بمسافة عُمر .
أنا أحسد سيّدنا المسيح لأنّهُ سلبَ قلبَ أهمّ وأشهرَ وأعظمَ امرأتين في التّاريخ .
مريمَ أمّه , والمرأة التي شغفها حبّاً ; ماريّا المجدليّة .
معرفة تفاصيل دقيقة عن المشاعر التي كانت تكنّها هاتين المرأتين لهذا الرّجل تؤلمني كثيراً .
هذا النوّع من المعرفة يقتل , ويوجع , ويزيد الحسرة كثيراً كيف أنّ رجلاً مثلي الآن لم تستوعبه امرأة ..
كيف لهُ ألا يحمل صليبه على كتفه ويصعد لأعلى مكانٍ في البلد ويدقّ المسامير .
مريم
مــريـــم .
أتمنّى أن أنجبَ بنتا حتّى أسمّيها مريم .
وكيف يكونُ لديّ كلامُ الله , وقميصي المبتلّ كثيراً منذُ بُكاء , وملامحَ شَبَهَ الصّبر , وملامح شَبَهَ الشّعر , وملامح شَبَهَ الحُزن , وشَبَهَ الفَجر , وشبهَ الإنسان وشَبَهَ الله .
ولا أنجبُ مريم .! ..
——————————————-
مريم يا ذنباً يُقترفُ بحقّي أكثرَ من ألفَيْ عام , كيفَ أموتُ الليلة بينَ يديكِ وأنا لا أبكي مثلَ الأولاد .
كيف أموتُ الليلة , ولا يرشقني رُمحٌ في جنبي , ولا يشطرُني سَوطُ الجلّأد ..
——————————————-
مريم :
يعرفُ أنّي أنتِ ; من يسمعُ وقعَ كلامي .
مريم دَمعي المتدلّي من عينيّ , مريم شِعري المَسكوبُ على أقدامي ..
——————————————-
مريم :
حسناتُكِ يكتُبُها اللهُ في دفترِ أخطائي ..
وذُنوبي كثيرة , وأنا محتاجٌ أن أنجبَ بنتاً لأسمّيَها مريم ..
مريم سجدةُ سهوي , إصبعُ إستغفاري , ماءُ وضوئي , فاتِحة القلب , قرآنُ الفجر , ثلثكِ أنتِ ثلثُ الليل نصفكِ أنتِ إلا قليل ..
——————————————-
[ مَن كان مِن غير خطيئة , فليرمِ الأحجار عليها ] :
الصّمتُ صلاة ,
والنّدمُ دعاء ,
والحبّ خطاياكِ لديهُم , والتّوبة مـَــدّ …
.
.
( أحجارُ مَاريّا كثيرة , هل كنتم من غير خطايا إلى هذا الحدّ ) .؟! ..
——————————————-
ماريّأ :
عينايَ سماء , خدّكِ مرمر , شفتايَ دواء , اقتربي أكثر .
———————————————–
مريم :
اليدُ التي تُمسك قلبي , القدمُ التي تخطو فوق الظلّ , اليدُ التي تمحو ذنبي , القدمُ التي تسبقُهم نحو التلّ .
صلبوني هناك يا مريم , هزّي ; حتّى أسقطَ ثانيةّ من فوق النّخل .
——————————————–
ياربّ الأرباب .! ..
ماذا نفعلُ حين تسيلُ دِماءُ العِنّاب .
————————————
النّخلُ يميل ,
الرّطبُ يحطّ ,
واللهُ يقول الكلمة .
– يا جبريل …..
حُزني ملأ الدّنيا , وأنا لم أنجبُ مريم بعد .
——————————————-
General Thade
العُقم الإداري , ليس أنّك لم تنتج شيئاً مثمراً لصالح إدارتك فقط ..
بل هو أيضاً أن تتولّى الإدارة لأول مرة بعد عُقم دام 11 سنة .
تلك كارثة بكلّ المقاييس , كارثة تشبه أن تحبس كلباً في قفص لفترة طويلة جداً وتضع عظمة خارج القفص , وتقف أنت وأصدقائك بجوارها ..
ثم تفتح الباب , تأكّد أن الكلب سيتجاوز العظمة إلى يدك .
لهذا يُقال دوماً أن الكلب يعض اليد التي مُدّت إليه .
لهذا احذر إن تعيّن على رأس إدارتك من مدّ لسانه سنوات يلهث باتّجاه عظمة على كرسي .
ما يحدث في عالما العربي أنّ البشر أمثالنا أصبحوا داخل الأقفاص , والحمير والقِرَدة والكلاب هي التي تتفرّج علينا , وتناولنا الموز والفزدق , وترمينا بالطّماطم الفاسدة وقشر البطّّيخ ..
إنّ ما يحدث في عالمنا العربي ; أن من يجلس على كرسي الإدارة يجب أن يحمل من المؤهّلات ما يكفي ليكون حماراً .. أي أن يملك أذنين طويلتين , وذيل , وبلا عقل .
ما يكفي ليكون ثوراً , أي أن يهاجمك لمجرّد أنّك تقف منتصب القامة كفارس أسبانيّ .
ما يكفي ليكون غراباً , أي أن يخرب الإدارة ويقف على تلّها .
الفرق بين أفلام الخيال , وأفلام الخيال العلمي ..
أن الثانية مبنيّة على نظريات علمية قد تتحقّق مستقبلاً , لذلك من شاهد فيلم ” كوكب القردة ” سيفهم ما كتبت أعلاه ..
حليم
القبيلة
الـقـبـيـلـة ..
أنا أؤمن بالانتماء للتّراب , للأرض , للمكان .
لا للقبيلة .
لأن الانتماء لمجموعة كبيرة من الأفراد في نظري هو أقرب للا إنسانية , وأنا لا أعيش تحت طائلة قانون القطيع .
لم أمشِ يوماً وراء خطّ طويل من الفِيَلة , أو قطيعٍ من النّعام , .
ولا يمكن أن يحكمني شيخ يحمل شهادة من الكُتّاب , أو تحكمني عادة قَبَليّة متخلّفة , أو ينتقد تصرّفاتي رجُل لم يتحرّك في حياته كلّها إلا في مساحة لا تتجاوز العشرة كيلومترات في عشرة كيلومترات .
رجل لم يرَ العالم الآخر .
هم ينكروني هناك كما أنكرهم هنا ..
ولو خُيّرت ; لاخترت أن ألغي لقب القبيلة من دفتر أحوالي ..
وفي العمل وبين الأصدقاء لا أحب إلا أن ينادوني بإسم العائِلة , لا بلقَبي القَبَلي .
وأنا أربّي أولادي على هذا .
أن يُخلصوا للعائِلة , والمَكان .
أن يحبّوا البلَد المقدّس الذي تربّينا فيه , على أن يقدّسوا لقَب لم يختاروا الانتماء له .
على أن يعظّموا شعائر قبَليّة مُبالغٌ فيها , لا تغني ولا تسمن .
نحن في الحِجاز أناس بُسطاء , أبسط مما تتخيّلوا .
لا نقيس الرّجولة , والكفاءة للشخص بمدى حفظه لـ ” إكليشيهات ” الولائم .
كـ ( كثّر الله خيرك , وجاد الله عليك , وأنعم الله عليك ) ,
ومتى يقولها , وتحت أي ظرف , وفي أي مناسبة , وبعد من , وقبل من ..
كما يفعلون في بادية نجد , أو أغلبها حتّى أكون منصفاً .
من يدخل بيوتنا يأكل من طعامنا , من الطعام الذي يُعدّ كلّ يومٍ في البيت , وهذا في نظري غاية الكَرَم أن نعتبر الدّاخل من أهل البيت ..
نحن هنا لا نعرف إلا ما يُسمّى بالذّوق , والذّوق في بروتوكولات الولائِم عندنا ألا تترك المائِدة قبل ضيوفك , وأن تأكل بأناقة ونظافة .. وبس .! ..
ونقبل بعد ذلك أي دُعاء بدوام الصحّة , أو النّعمة , .. بأي سيناريو وبأي صيغة .
إنّما هناك ..
يوجد نصّان مقدّسان لا يقبلان التحريف .
القرآن , و ” جاد الله عليكم وأخواتها ” …
مثل غزال طيّب في مرج فسيح .
يحدث أن تكتشف أنّك طوال حياتك كُنت غزالاً ساذجاً في مرج .
في آخر المطاف ; أيضا تعترف – بشكل دقيق – أنّك توقّعت تلقّي رصاصة , لكنّك لم تتوقع من أيّ جهة ستخترقُ جسدك .
وتكتشف أيضاً أنّ كل من كان يعدك برحلة قنصٍ مثيرة , وأغراك بالنّزول إلى الفراغ الكبير , وجّه صوبك بندقيّة .
محزن جداً أنّ تقف أمام قاتليك , وتمسك لهم قلبك بيدك , وتقول لهم أنا أتوسّل إليكم أن تعيدوه إليّ , وكأّنك إلى الآن لم تستوعب المسألة ..
وكأنّهم أيضا لم يفهموا الصلاة الطويلة التي أديتها تحت أقدامهم حتّى يرحموك , لكنّهم مدوّا بنادقهم وأطلقوا اللعنات الطّائشة عليك ..
قُلت لكِ يا سيّدة ..
بعدما ماتت ذكريات , وأنا الآن مُصابٌ في غَدي , أنا كنتُ غزالاً ساذجاً في مرج .
بعدما ضيّعتُ كلّ شيء ; وبينما أنتِ تقولين لي سأعطيك الآن كلّ شيء ! لا تزال لعناتهم تثقبُ جبيني .
عندما كنت مراهقاً أتسكّع مع أصدقائي في السّكك الملأى بحلوى القُطن وبالسيدات , كنت أخبّيء قلبي في كمّي اليمين , وأركض مثل غزال طيّب في مرج فسيح .
أنا الآن لا أقوى على القفز ولا أستطيع حتّى الغرام , وكلّ ما تذكّرت صوت طلقة , تجفل غزلاني الصغيرة من يدي .
وانتِ تقولين لي :
إني برغم كل هذي الدّماء التي سالت عليّ أعشقك !
اشكال مختلفة للقلب
كان قلبي معلّقا على جدار مثل نتيجة اختبار آخر العام , والنّساء اللائي مررن بي , لا يفعلن أكثر ممّا يفعله الطالب الذي يبحث عن اسمه على هذا الجدار ..
كنّ مستعجلات , وعصبيات , ولم تنتبه أي امرأة للرّجل الذي يقف بجوارها , وفور أن يعثرن على اسمائهن , أو لا يعثرن , يغادرن سريعاً ليبلغن الخبر لرجل غيري …
——————-
قلبي لم يكن أكثر من كرة ; كتلك التي تستخدم في العلاج الطبيعي ..
يتم عصره كثيرا بانتظام , وبقوّة , واحتياج , ثم يُرمى بعد أن يسترد الآخر عافيته .
——————-
قلبي يدقّ بقوّة , قلبي ” يخبّط ” عليّ بعنف شديد من ” جوّا الصّدر ” , وأنا لا أجيب .
——————
كيف ستقولها , كيف ستقول لي : ” أحبكِ من أعماق قلبي ” ..
بشكل مختلف عن الاكليشيهات المعتادة .
The love I did not get , I’ll give-
الكِتابة من غير أجنحة .
حتّى أتقن الكتابة وحدي , كان يجب أن أقوم بالقفزة الأولى وحدي
حدث هذا منذ سنوات طويلة جداً , قفزت ورفرفت كثيراً ولم أرتفع أي سنتيمتر في الهواء .
بل وقعت على منقاري .
لم أتحدث مع أحد عن خيبتي الكبيرة , ولم أعرف كيف أرجع للعش الذي بناه جدي لي , لكنّي تسلّقت الشّجرة مليئا بالخدوش ومليئاً بالإهانات الكثيرة , كان عاراً على عصفور أن يتسلق شجرة ,
كنت مضطرا لهذا .
عار على مخلوق بأجنحة أن يتسلّق شجرة جنبا إلى جنب مع الزواحف والجرذان والسناجب .
كان ” شكلي بينهم ” شاذا ومثيرا للضحك أيضاً .
لكنّي لم أهتمّ , وصعدت , وقفزت مرة أخرى , وسقطت مرة أخرى , وتسلّقت الشجرة مرّة أخرى .
حتّى قُمت بأوّل رحلة طيران .
كِتابة أوّل نصّ بشكل سليم , شيء أشبه بالطيران بلا أجنحة .
تجربة
لمّ الشتات