مرّ أمامي اليوم مشهد مؤلم للولد الذهبي ليونيل ميسّي في المباراة النهائية في كأس العالم .
هذا المشهد لا علاقة له بخسارة لاعبي الأرجنتين الكأس أمام الجنس الجرماني المتفوّق .
كان ميسي يتقيّأ في طرف الملعب .
كان يحاول أن يُخرج ما في بطنه , ولم يستطع .
وبرغم أنّ الجميع كان منتبهاً للكرة الوحيدة التي لم يستطع ميسي إدخالها في مرمى الألمان , إلا أن الكل لم ينتبه لما كان يحاول ميسّي إخراجه من جوفه .
هذا المنظر آلمني كثيراً , لأني أعتقد أن ما كان يحاول ميسي إخراجه من بطنه هو الجمهور الذي ” شاله ” على ظهره من أجل وطنه , أرجنتينا .
زمان , كنت أراقب ولد قصير ممتليء بكتفين مقوّستين ناحية رقبته , إسمه ديجو آرماندو مارادونا , كنت محظوظاً كوني شهَدت خروج المعجزات من قدميّ ذاك القصير .
كان يلعب بلا أيّ ضغوط , بلا جماهير تملأ بطنه , كان مرتاحاً جداً , ومتجليّا جداً ,
و ..
( آبرا كادابرا ) … كأس العالم يختفي من دولة المكسيك , ويظهر فجأة في دولة الأرجنتين .
اليوم وأنا أشاهد إبني حسين , أو ( حسين الحزين جداً ) كما سمّى نفسه بعد فوز الألمان ..
لم أشكّ لحظة في أن الولد الذهبي , ليونيل ميسّي هو معجزة ارجنتينية ثانية وقادمة .
لكن لاعبي كرة القدم ليسوا أنبياء , الأنبياء فقط من يصنعون المعجزات تحت وطأة ضغط نفسي رهيب ..
العكس يحدث مع لاعبي الكرة وهو ما حدث مع مارادونا في العام 86 لأنه كان يحضّر تعويذاته السحرية لوحده , و لم يحدث في العام 90 , لأنه تعرّض لما تعرض له ميسّي الآن ..
أن يحاول جمهور المسرح أن يدخل في رأس الساحر .
أن يبلع ملايين البشر في عقله , ثم يتقيأهم وحيداً دون أن ينتبه له أحد …
ميسي يوم أمس حمَل الكرة الأرضية بأكملها مثل العملاق الإغريقي الأسطوري ” أطلس ” على ظهره , كانت الأرض تدور بين كتفيه في أمان , بينما انحنى هو ليتقيأ دون أن ينتبه له أحد .