فإني أموتُ , وأهربُ , وأتركُ كلّ شيء ورائي
لأن حياتي معاكم صارت قصيرة , فإني أموتُ , وأرحل , وأترك خلفي صوت بكائي ] ..
————————
وإنّي أموتُ سريعاً قبل حلول الكلام .
وكلّ السّطور التي كتبتُ إليكُم صارت حِبال , وكلّ الهموم التي مالت عليّ صارت جِبال , وإني أموت سريعاً قبل حلول الكلام .
وإني أموتُ قريباً , وأترك عُمري لكم , وأترك حُزني لكم , وفرحي القصير الذي لم يدم سوى ضِحْكَتين , وبيتي القديم , وغرفة نومي الصغيرة قبل سنينَ طوال , ولعبةً لم يتوفّر لي حظٌ كبيرٌ لأشتريها , ولم يتوفّر لي وقتٌ طويل لألعب فيها , وإني أموت قبل أن أكمّل واجباتي المدرسيّة , وقبل أن أجهّز شنطة سفري , وقبل أن أعدّ لنفسي العشاء الأخير مع المجدليّة .
وإني أموتُ صغيراً , وأترك ثوبي الممزّق من عند كمّي القصير , ومن عند جيبي , ومن عند قلبي الحزين بشكل كبير ..
وإني أموت , وقد لا أستطيع سماع الذي قد يقال .
لأنّي هناك .
وإني أموتُ قبل أواني , كفرح اليتامى .
وإني أموت قبل كلامي إليكم , يطير حماما .
وإني أموت غريباً , كمجنون ليلى , وحيداً , وحيداً , وحيداً لا أثير الإنتباه إلا بعد سنينَ طوال
وقد أطلّ عليكم من بين النجوم , وقد أشير إليكم ..
وقد أطلّ برأسي الصغير من بين الغيوم , وقد أنادي عليكم :
” سلاماً سلاما ” ..
وقد تسمعوني , و قد لا تسمعوني .! .
وإني أموت جميلاً بشكلٍ مرتّب , وشكلٍ منظّم , وشكلٍ أنيق ..
بشكلٍ يشبهُ استقامة رمحٍ , وقوف مؤذّن , دُعاء نبيّ , كرامة عاشقٍ , وطول ملاك .
وإني أموت قبيحاً بشكلٍ يشبه فوضى حياتي , وأبلعُ ملحاً ينزّ من عيني الصغيرة ووسط جفوني ..
وقت البُكاء ..
وإني بكيتُ كثيراً حتى تعبت , تعبتُ كثيراً حتّى كتبت , كتبتُ كثيراً حتّى بكيت ..
وضعت كثيراً بين حروف الأبجديّة , وإني صغيرٌ على غَزلِ القصائِد ولا أتقنُ صُنع الجمال ..
ولا أستطيع كِتابة سطرينِ بشكلٍ يليق .
وقد أستقيل قبل وفاتي , وأكتبُ سبباً يقولُ :
لماذا استقلت .! .
وقد أطلق على شِعري الرّصاص , وابحثُ عمّن يلمّ رفاتي , وأترك ورقاً يقولُ :
لماذا انتحرت .! .